مجالس الادارات في مصر سواء في الهيئات، أو النقابات، أو الأندية الرياضية، أو الاجتماعية وغيرها لها مقاييس أخرى مختلفة عما يحدث في بلاد العالم المتقدم.
زمان كانت مجالس الادارات في مصر مثل المصاهرة بمعنى انك لا بد أن تبحث عن أصل وفصل المرشح لها، وحجة الأعضاء الناخبين لهذه المجالس ان المرشح ابن ولاد الاصول لا عيب فيه ولا شبهات عليه، فهو لا يسرق أحداً، ولا يرشو أحداً، أو يرتشى من أحد.. لا يزور، ولا يكذب، ولا يلفق قضايا لأحد، حجتهم أيضاً أن ابن الاصول القادم لمجلس الادارة جاء ليخدم ناخبين لوجه الله وبدون مقابل وليس طمعاً في كرسي يزيده علواً وقوة.
لذا كان غالبية المرشحين لهذه المجالس من عائلات محترمة لها جذور مؤصلة في العمل الخدمي العام، وبمرور السنين تغير الحال قليلاً إذ ظهر مرشح الصدفة أو غنى الحرب وكان أعضاء الجمعيات العمومية ينتخبونه أيضا طمعاً في "فلوسه" وما سوف ينفقه من ماله الخاص على الخدمات التي يمكن أن يقدمها لهم، وكثيراً ما كانت تنجح هذه الحكاية.. ومع ذلك كانت فرصة أغنياء الصدفة أقل من فرصة أبناء العائلات الأصيلة لأن أغنياء الصدفة قد تحيطهم بعض الشبهات والشبهات تعنى سقوطهم في امتحان الأخلاق..
وفى فترة الخمسينات اخترعت الحكومات المتعاقبة أساليباًً أخرى للتأثير على الناخبين في الهيئات التابعة لها أو غير التابعة لضمان حصد أكبر عدد من الأصوات لمرشح مجلس الادارة وأعضائه، فقد كانت ضد مرشح عائلات الباشوات وضد أغنياء الحرب والصدفة، وأصبح المرشح المهم لها هو رئيس مجلس الادارة وشلته المتعاونة معه والقادرة على السيطرة الادارية والأمنية فقط..
وفى ظل هذه السلبيات لم تعد السمعة معياراً لتفضيل رئيسٍ لمجلس الادارة على أخر وأصبح أعضاء الجمعيات العمومية يعطون أصواتهم لمرشح الحكومة المضمون أو قل " المخلصاتى" بصرف النظر عن سمعته وأخلاقه.. والشيء الذى لم يتغير في هذه المجالس الأخيرة هو هذه الحيل والأساليب والألاعيب الملتوية التي كانت تلجأ اليها بعض مجالس هذه الادارات.
وكثيراًً من الناس يتصورون صواباًً أو خطأً أن انتخابات مجالس الإدارات خاصة ببعض الاندية يضرب فيها "السوس"، وان أعضاء هذه المجالس دائما أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن تهادن "السوس" وتعقد معه "معاهدة صلح "، أو تشعل النار في المكان كله ثم الجلوس على كومة الرماد في انتظار ولادة الشجر الجديد، وفى نظام شمولي كهذا ليس هناك مكان لنبوءة أو معجزة انقاذ..
هناك فقط الفرد الواحد، والصوت الواحد، والديكتاتور الواحد، فأصوات المعارضة مزعجة ويقولون عنها انها تسير عكس الاتجاه!!، ولذا يعمل دائماًً رؤساء مجالس الإدارات على مصادرة أصوات المعارضين وكتم أنفاسهم بالقوة!!
وأغلب الظن أن مرجعية هذه الازدواجية أن كل رئيس مجلس ادارة يظن أنه معصوم من الخطأ، وانه لويس التاسع عشر، وأنه مبعوث العناية الالهية، كما يعتقد أنه الزعيم أو "البوب" وأنه الممثل الواحد، وعلى الجميع السمع والطاعة والجلوس خلفه في الكواليس فلا أحد غيره له حرية الظهور على خشبة المسرح وقد يشطب هذا "البوب" المعصوم من الخطأ النص المقرر مناقشته في محاضر الجلسات ويلقيه في وجوه الجميع.
وقد يطرد العضو المعارض كثير المشاغبات القانونية ويمنعه من حضور الجلسات، ورغم اعترافنا بأن أحد رؤساء مجالس الإدارات موهوب في التشخيص والتمثيل إلا أن نقطة ضعفه كامنة في أنه شديد الإعجاب بصوته، واستغراقه الشديد في عبادة صورته، فهو المفكر الأوحد، والمطرب الأوحد، وان جميع الأصوات نِشاذ وتراه دوماً مقتنعاًً أنه المثقف وغيره أُُميون، وهو المتحضر وغيره برابرة، وهو المؤمن وغيره ملاحدة وزنادقة!!
هذه بعض مهازل وحكايات بعض مجالس إدارات الأندية في مصر، أما بصفة خاصة وعلى سبيل المثال لا الحصر، فهناك مجلس إدارة بأحد الكيانات الرياضية قد شهد في رمضان المبارك مهازل أخرى يندى لها الجبين، ففي شهر العبادة والطاعة وتلاوة القرآن شهد وسمع الجميع هذا الكم من الاغتيالات المعنوية لأحد أعضائه.. بدأت بالسب والقذف على صفحات التواصل الاجتماعي، ثم وقائع سب وقذف أخرى داخل أروقة هذا الكيان الرياضي .. فضلاً عن التخطيط والتدبير ضده لهدم تاريخه، والسعي للجهات المسئولة لتشويه صورته وسمعته، والعمل على ازاحته والاطاحة به، وايقاف عضوية "أسرته" دون مبرر أو تحقيق مُواصلاًً سحق العدالة بقدمية!!
والغريب أيضاًً ان هذا المجلس مستمر في تلفيق وتزوير التهم في كل ما يقوله ويخطه بيده في محاضر التحقيق، كل ذلك لأن عضواًً مُحترماًً أراد تطبيق عدالة الأرض والسماء على حفنة من المزورين الكاذبين حاولوا ايذائه في وضح النهار!.
والأشد غرابة أن هؤلاء يعلمون الحق من الباطل، ولكنهم بفعل فاعل حولوا الحق إلى باطل، والباطل إلى حق، والصح الى خطأ، والخطأ إلى صح، وكل واحد منهم يتبرأ مما حدث ولكن لا يعلمون أن الحكم العدل موجود ومُطلع، والكل سيقف أمام المحكمة الإلهية، الشهود فيها ملائكة، والدعوى محفوظة، والقاضي أحكم الحاكمين، فلا كرسي يَنفع، ولا منصب يَرفع، ولا كتمان للحق يَنفع، ولا شهادة وكتابة زور تُنسى وتُمحى ..
• خلاصة القول عن "مجلس المزورين" هذا.. انه كل يوم يغسل يديه من كل وعوده وتعهداته التي أعلنها من قبل، وفشل فشلاًً ذريعاًً في توجيه بوصلة العدالة نحو الجميع، ولا يزال يمارس سياسة " العصا والجزرة" مع أعضاء الجمعية العمومية، وطالما فقد مجلس إدارة هذا الكيان الرياضي توازنه القانوني والأخلاقي على هذا النحو، وفشل في تحديد هويته وتوجهاته وعدم مراعاة حقوق أعضائه، وطالما أن الوجع طال الجميع وأصبح أغلبية خاصة عندما يكون خنجر الظلم في خاصرة كل مدافع عن حقه، فضلاًً عن استمرار هذا المجلس في سياسته العميقة الممزوجة بزبدة الفشل والتزوير الممنهج..
• ونهايةً القول لمجلس المزورين: الشاهد بالزور إذا شهد مرة، هانت عليه الشهادة ثانية، وإذا شهد بالصغير، هانت عليه الشهادة بالكبير.
في الختام: إذا تطابق أو تشابه أحد أحداث هذا النموذج مع أحداث ونماذج واقعية فهو محض صدفة.
|