الاثنين 05 يونيو 2023 - 02:35 صباحاً , 17 ذو القعدة 1444

جبر القللوبجج


 

 

  المساحة المُعْطاة للغة الفصحى فى كل أجهزة الدولة مساحة قليلة جدًّا

   أ.د / محمد داود يكتب: اللغة العربية فى أزمة

    الأربعاء 14 ديسمبر 2022 - جمادى الأولى 1444 01:50 مساءً

   

 

ضعف الأمم يقود إلى ضعف اللغة.. 
المدرسة لا تعلِّم والجامعة لا تعلِّم..
 انكمش قاموس اللغة العربية من 12 مليون كلمة إلى 12 ألف كلمة..
العجز الحقيقىّ ليس فى اللغة بل فى أهليها الناطقين بها والقيمين عليها..
الأمة التى لا تنتج العلم، تضعف لغتها وتنكمش وتنعزل..
انقرضت أمم بكاملها عندما اجتاحها الاستعمار اللغوى..
أيهما فى أزمة: اللغة العربية أم الإنسان العربى؟ 
 
الإنسان العربىّ يعيش اليوم أزمة هروب من الذات، وينغمس فى حالة اغتراب عن أصالته ووجوده، فانعكست هذه الأزمة سلبًا على الواقع اللغوى، ووصمت اللغة بالعجز والقصور عن مواكبة التطور العلمىّ والحضارىّ؛ والعجز الحقيقىّ ليس فى اللغة بل فى أهليها الناطقين بها والقيمين عليها. 
 
إنَّ الأمة التى لا تنتج العلم، تضعف لغتها وتنكمش وتنعزل، وفى ضعف اللغة ضعفٌ للدولة كما هو معلومٌ لدى علماء الاجتماع اللغوى، وعلماء الاجتماع السياسى بصورة عامة؛ فاللغة تقوى وتكتسب المناعة ضدَّ المؤثِّرات الخارجية حين تكون لغة العلم ولغة المعرفة ولغة الحياة فتفرض نفسها وتملى شروطها، ولا تذوب فى لغة أخرى فتفقد هويتها وتتخلّى عن رسالتها. 
 
لقد انقرضت أمم بكاملها عندما اجتاحها الاستعمار اللغوى كما حدث فى أستراليا ونيوزيلندا، ومثلما انقرضت لغات الهنود الحمر وغيرهم من الشعوب.
 
أيهما فى أزمة: اللغة العربية أم الإنسان العربى؟  
 
اللغة العربية فى أزمة؛ لأن الإنسان العربى فى أزمة، فأحوال اللغة لا تنفصل عن الإنسان، إذا وجدنا إنسانًا أميًّا لم يتعلم؛ فاللغة العربية فى أزمة ، إذا وجدنا إنسانًا لا يُحْسِن تعلم لغته؛ لأن المدرسة لا تعلِّم والجامعة لا تعلِّم..
 
فالعربية فى أزمة، إذا وجدنا لغة لا يحترمها قومها: فى المدرسة، فى الجامعة، فى الإعلام، فى الصحافة، فى أى منبر تُستخدم فيه اللغة فالعربية فى أزمة، ويكفى أن ننظر إلى صحفنا التى أصبحت الآن تُكتب بالعامية، وإلى برامج الإذاعة والتليفزيون والفضائيات بالعامية القبيحة، العامية الساقطة، وليس مجرد العامية التى كنا نجدها قديمًا فى الأفلام المصرية؛ فنجد الاحترام وأدب الحوار واللغة السليمة وإن كانت عامية.
 
أما الآن فالشتائم والتعبيرات البذيئة موجودة فى الأغانى، وفى الأفلام، وفى المسرحيات.
 
إن المساحة المُعْطاة للغة الفصحى فى كل أجهزة الدولة مساحة قليلة جدًّا تتمثل فى نشرات الأخبار أو فى التلاوات القرآنية أو فى بعض البرامج التراثية والعلمية والثقافية، لكن الكثرة الكاثرة تُقَدَّم بعامية هى عامية قاع المجتمع؛ لذلك تكثر فيها البذاءة، وتكثر فيها السوقية.. إذا كان الحال كذلك، فإن العربية فى أزمة؛ لأن أهليها فى أزمة.
 
«لقد انكمش قاموس اللغة العربية من 12 مليون كلمة إلى 12 ألف كلمة بسبب التراجع المعرفى والثقافى والإبداعى للأمة العربية».
 
ومن خلال ملاحظة المجتمعات المتقدّمة اليوم، يمكن تلخيص أبرز معالم السيادة اللغوية، فى العناصر التالية:
 
1- الاستعمال الكامل للُّغة الوطنية على المستويين الشفهى والكتابي. 
2- احترام اللغة الوطنية والاعتزاز بها والغيرة عليها والدفاع عنها. 
3- معارضة استعمال لغة أجنبية بين مواطنى تلك المجتمعات. 
4- شعور عفوى قوى لدى المواطنين بالأولوية الكبرى لاستعمال اللغة الوطنية فى مجتمعاتهم. 
5- وجود سياسات وطنية منهجية لدى السلطات والمؤسسات لترجمة المصطلحات والكلمات الأجنبية الجديدة إلى اللغة الوطنية. 
6- اقتران اللغة الوطنية بتحديد هويات الأفراد والجماعات فى تلك المجتمعات.
 
والسؤال الذى يفرض نفسه فى هذا السياق هو: أين اللغة العربية من السيادة اللغوية؟
 
هل نحن نسعى بإرادتنا إلى تدمير لغتنا وثقافتنا بسلبيتنا وخمولنا واستسلامنا؟! وهل من أمل؟
 
إن كان هذا ما يصنعه العدو بلغتنا تحقيقًا لمصالحه، فأين نحن؟ أين دورنا فى المقاومة والمحافظة على أهم عناصر الهوية وأخطرها وهى اللغة؟
 
لماذا نحرم أنفسنا عمدًا من عضوية نادى المعلومات العالمى، فى حين تعمل الأمم الأخرى جاهدة للوصول إلى موقع متميز على الساحة العالمية؟!
 
وقد رأينا كيف تهتم كل أمة بدعم لغتها والتمكين لها فى حلبة الصراع.
 
وحسبنا أن نتدبر موقف اليابان التى تسعى سعيًا حثيثًا  لمواجهة الهيمنة الأمريكية على الإنترنت، وكانت البداية فى مشروع الجيل الخامس الذى أطلقته اليابان فى بداية الثمانينات، كردّ فعل تكنولوجى يهدف إلى كسر سيادة الإنجليزية، وقوبلت فى سعيها هذا بعقبات سياسية واقتصادية من جانب أمريكا لعرقلة هذا المشروع، إلا أن اليابان لم تستسلم لهذه الضغوط، وركزت على تكنولوجيا الترجمة الآلية مستغلة تفوقها، ولا شك أن نجاح مشروع الترجمة الآلية والجيل الخامس سيكسر حاجز القطب اللغوى الأوحد، حتى يصبح بإمكانك - وأنت عربى أو فرنسى - أن تفتح جهاز الكمبيوتر فيقوم الجهاز بتحويل كل الكلام المكتوب بالإنجليزية إلى لغتك التى تتحدث بها.
 
وعلينا أن نستفيد من هذه الجهود ونحذو حذوها، بغية تحقيق الأمن اللغوى، حفاظًا على لغتنا الخالدة وحماية لها من طوفان التغريب الذى لن يقتصر على اللغة وحدها، بل سيمتد إلى الثقافة وأنماط التفكير والجذور والمنابع التى تنتمى إليها رؤيتنا للعالم.
 
إن قوة اللغة العربية تحتاج إلى بنْيات داعمة: 
 
 بنية تحتية اقتصادية تمكِّن للتخطيط اللغوى والسياسات اللغوية حتى ترى النور.
 بنية فوقية سياسية تملك سلطة القرار الذى يُمكِّن للغة ويحميها من الإقصاء أو التهميش. 
 بنية داعمة فكريًّا لربطها بالفكر وقضاياه، وتوحيد مصطلحات العربية فى مجال الفكر والثقافة، وتحديد رؤية واضحة ورسالة محددة، وتحرير المصطلحات الفكرية بما يعبر عن الهوية الثقافية العربية والإسلامية؛ حتى يكون لفكر العربية كيان مميز فكريًّا، متماسك الهوية يقوى على المواجهة، وقادر على التأثير فى الآخر.
 
وما يعقلها إلا العالمون.
 

 

ahly 32

 

التعليقات

 

 
 



إذاعة القرآن الطريم

مقالات رئيس التحرير
رمضان كريم 1

مع الرحمة

هل تتوقع انخفاض أسعار السيارات بعد إلغاء تصديق أوراق استيراد سيارات المصريين بالخارج؟

  نعم

  لا


نتائج

أضف  البريد الالكتروني :
 
 

 

أضف  كلمة البحث :